الصيحة في رمضان والظهور في محرم

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين
الصيحة هي وحي الله في آخر الزمان (الرؤيا الصادقة والكشف والنقر وغيرها من الطرق التي تلهم بها الملائكة المؤمنين.)
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }فصلت30
عن أبي عبد الله ع : رأي المؤمن و رؤياه في آخر الزمان على سبعين جزءا من أجزاء النبوة بحار الأنوار ج : 58 ص : 177
فهي اليوم في آخر الزمان وحي كامل بعدما كانت جزء من الوحي قبل أن يحين وقت ظهور القائم
عن رسول الله ص قال الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة بحار الأنوار ج : 58 ص : 192
وهي أي الرؤيا شهادة الله للقائم وجبرائيل الذي نقل وحي الله إلى الأنبياء عبر القرون السالفة يعود اليوم ليوحي لأنصار الإمام المهدي
عنهم ع : رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام تكلم به الرب عنده بحار الأنوار ج : 58 ص : 210
وعنه ص قال لا نبوة بعدي إلا المبشرات قيل يا رسول الله و ما المبشرات قال الرؤيا الصالحة ج : 58 ص : 193
عنه ص في قوله تعالى لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا قال هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له و هو كلام يكلم به ربك عبده في المنام بحار الأنوار ج : 58 ص : 193
بل عاد جبرائيل وجمعهم على غير ميعاد (أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا) وهذه دولة القائم قد أشرفت بدمائهم التي سالت على وجه الأرض فهذا الوحي العظيم هو سبب عزمهم الذي واجهوا العالم به في كربلاء جديدة على ارض العراق فسلام على الشهداء الذين سالت دماءهم نصرة لوحي الله
ولإثبات أن الصيحة هي وحي الله العظيم (الرؤيا والكشف والنقر وغيرها من الطرق التي تلهم بها الملائكة المؤمنين) إضافة لما تقدم من كون جبرائيل هو الصائح سلام الله عليه اطرح التالي:
و لا يخرج القائم حتى ينادى باسمه من جوف السماء في ليلة ثلاث و عشرين في شهر رمضان ليلة جمعة قلت بم ينادى قال باسمه و اسم أبيه ألا إن فلان بن فلان قائم آل محمد فاسمعوا له و أطيعوه فلا يبقى شي‏ء خلق الله فيه الروح إلا سمع الصيحة فتوقظ النائم و يخرج إلى صحن داره و تخرج العذراء من خدرها و يخرج القائم مما يسمع و هي صيحة جبرائيل ع و في آخر النهار صوت الملعون إبليس ينادي ألا إن فلانا قتل مظلوما ليشكك الناس و يفتنهم فكم في ذلك اليوم من شاك متحير قد هوى في النار
بحار الأنوار ج : 52 ص : 119
فالرواية تذكر صريحا أن الصيحة يسمعها كل ذي روح فمن فيه (روح الإيمان ) يسمع وحي الله
عن أبو عبد الله ع إن المؤمنين إذا أخذوا مضاجعهم صعد الله بأرواحهم إليه فمن قضى عليه بالموت جعله في رياض الجنة بنور رحمته و نور عزته و إن لم يقدر عليه الموت بعث بها مع أمنائه من الملائكة إلى الأبدان التي هي فيها بحار الأنوار ج : 58 ص : 166
أما من كان في داخله مسخ فلن يكون ممن يوقظهم جبرائيل لنصرة القائم فالصيحة (توقظ النائم) الذي له روح آمنت بالملكوت واستعدت لاستقبال كلمات الله
- جامع الأخبار، في كتاب التعبير عن الأئمة ع أن رؤيا المؤمن صحيحة لأن نفسه طيبة و يقينه صحيح و تخرج فتتلقى من الملائكة فهي وحي من الله العزيز الجبار و قال ع انقطع الوحي و بقي المبشرات ألا و هي نوم الصالحين و الصالحات و لقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه ع أن رسول الله ص قال من رآني في منامه فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي و لا في صورة أحد من أوصيائي و لا في صورة أحد من شيعتهم و إن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة بحار الأنوار ج : 58 ص : 176
ونعود إلى الجزء الآخر من الرواية (تخرج العذراء من خدرها) فهو يوضح أن الفتاة الطاهرة المخدرة هي من تسمع الصيحة وليس كل نساء اليوم بهذه الصفة كي يسمعن الصيحة وفي (من خدرها) إشارة أخرى وهي أن هذه الفتاة كانت نائمة في خدرها فشاهدت رؤيا وهذا ما دعاها إلى الخروج من خدرها
وينبغي في هذا المقام الإشارة إلى سؤال وهو لماذا تخرج الفتاة من خدرها فتعبير الرواية يدل على فزعها بل إن وصف الصيحة بالفزعة موجود في بعض الروايات
عن أمير المؤمنين ع : الفزعة في شهر رمضان فقيل و ما الفزعة في شهر رمضان فقال أ و ما سمعتم قول الله عز و جل في القرآن إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ هي آية تخرج الفتاة من خدرها و توقظ النائم و تفزع اليقظان الغيبة للنعماني ص : 251

وإضافة إلى أن الجواب قد يكون موجودا في رواية أخرى وهي ( تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها و أخاها على الخروج) بحار الأنوار ج : 52 ص : 230 أي تكون فزعة المؤمنين لنصرة الإمام والتحريض على نصرته
إلا أن هناك وجها آخرا محتملا وهو التغير الفجائي للروح الإنسانية عندما يكشف لها الغطاء باتصالها بالملكوت وتلقيها وحي الله في الرؤيا فتصفهم الروايات بأنهم المجانين عند أهل الأرض وبصيغة أخرى المعروفين في السماء(لاتصالهم بها) المجهولين في الأرض
ولزيادة التوضيح لهذا المعنى لاحظ حال رسول الله في المعراج في هذه الرواية
فقال لي جبرائيل يا محمد تثبت و اهتد هديت ثم ارتفعنا إلى الثالثة و الرابعة و الخامسة و السادسة و السابعة بإذن الله فإذا بصوت و صيحة شديدة قال قلت يا جبرائيل ما هذا الصوت فقال لي يا محمد هذا صوت طوبى قد اشتاقت إليك قال فقال رسول ص فغشيني عند ذلك مخافة شديدة بحار الأنوار ج : 18 ص : 391
ونعود الآن إلى موضوع إثبات أن الصيحة هي وحي الله العظيم في آخر الزمان وأنها ليست صوتا ماديا ففي الرواية :
و هي صيحة جبرائيل إلى هذا الخلق ثم قال ينادي مناد من السماء باسم القائم ع فيسمع من بالمشرق و من بالمغرب لا يبقى راقد إلا استيقظ و لا قائم إلا قعد و لا قاعد إلا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب فإن الصوت الأول هو صوت جبرائيل الروح الأمين بحار الأنوار ج : 52 ص : 230
وهي تشير إلى الكشف (و لا قائم إلا قعد و لا قاعد إلا قام على رجليه) وهو أن يكشف للإنسان فيرى صورة قريبة من تلك التي يراها النائم في الرؤيا وهذا لا يكون إلا لمن يؤمن بالملكوت وروحه قريبة من الله متطهرة لاستقبال كلمات الله التي تأتي لاؤلياءه بالكشف.
والرواية الآتية توضح اختلاف ردة الفعل من الناس وقت حدوث الصيحة
و علامة ذلك أنه ينادي باسم القائم و اسم أبيه حتى تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها و أخاها على الخروج
بحار الأنوار ج : 52 ص : 230
وفي هذا دليل أن الصيحة لا يسمعها الجميع فهذه الفتاة سمعت النداء وآمنت به أما حال أبوها وأخوها فهو احد أمرين
الأول أنهم لم يسمعوا النداء : فيتأكد بذلك أن النداء هو الرؤيا وإنما سمعته الفتاة وهي نائمة (في خدرها)
الثاني أنهم سمعوا النداء: وهو محال وإلا لكانوا بادروا إلى النصرة بدون حاجة لتحريض الفتاة نعم يمكن أن يكونوا شاهدوا الرؤى لكنهم ليسوا ممن يؤمن بالرؤيا فيكون دليلا آخر على أن الصيحة هي الرؤى
ولعل هذا ما تشير إليه تكملة الرواية أعلاه حيث ورد في تكملتها (فاتبعوا الصوت الأول و إياكم و الأخير أن تفتتنوا به) والصوت الأخير هو صوت علماء السوء الذين ينكرون كلمات الله وينكرون على العباد أن يسمعوا ربهم لأنهم لا هم لهم سوى استعباد عباد الله وهذا هو المقصود من كون الصوت الأخير (صوت الشيطان) يكون من الأرض (إلا أن فلان قتل مظلوما) وفي رواية أخرى (ألا إن الحق في عثمان بن عفان و شيعته فإنه قتل مظلوما) وفيه إشارة واضحة إلى أن الصوت الذي سيحارب وحي الله هو صوت بغطاء ديني . فلو كان الصوت الاول (صيحة جبرائيل) بصيغة الصوت المادي وفي المشرق والمغرب فكيف سيثيرون الشك فيه؟؟؟؟
فإذا التفتنا إلى هذه الرواية
- و منه، قال العلة في الصيحة من السماء كيف يعلمها أهل الدنيا و الصيحة هي بلسان واحد و لغات الناس تختلف فقال إن في كل بلد ملائكة موكلون فينادي في كل بلد ملك بلسانهم و كذلك لإبليس شياطين موكلون بكل بلدة ينادون فيهم بلسانهم و لغاتهم ألا إن الأمر لعثمان بن عفان
بحار الأنوار ج : 56 ص : 193
يتضح لنا أن الصيحة هي صيحة جبرائيل في السماء بجنوده من الملائكة كي يبثوا الرؤى إلى المؤمنين فيكون في مقدور المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها أن يسمعوا الصوت لأنه سيأتيهم بشكل رؤيا ولا يحتاج إلى ترجمة فلو كانت الصيحة كلمات ولنفرضها عربية حينها لن يفهمها من لا يتكلم بالعربية وقضية الإمام المهدي عالمية ورحمة الله واسعة فرحم الناس بان جعل الصوت رؤيا يمكن للجميع على وجه الأرض ممن طهر نفسه أن يستقبلها
إضافة لما تقدم فلو كانت الرؤيا صيحة جبرائيل في هذا العالم المادي فان صوت بهذا التردد العالي بحيث يسمعه من في المشرق والمغرب سيكون مدمرا لكل ما في الأرض بنفس الوقت الذي سيسمعه أهل الأرض كما حدث عندما صاح جبرائيل في أقوام سابقة
{وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ }هود67
{وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ }هود94
والرؤيا كلام الله لا يشك به الا كافر بل ان من الكفار من امن بالرؤيا
{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ }يوسف43
والملك في الاية هو فرعون مصر وقصته مع نبي الله يوسف ع اشهر من ان تذكر واليك مثل اخر
(و رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيام كان راكبا قد دخل مكة ينادي يا آل غدر يا آل غدر اغدوا إلى مصارعكم صبح ثالثة ثم وافى بجمله على أبي قبيس فأخذ حجرا فدهده من الجبل فما ترك دارا من دور قريش إلا أصابه منه فلذة و كان وادي مكة قد سال من أسفله دما فانتبهت ذعرة فأخبرت العباس بذلك فأخبر العباس عتبة بن ربيعة فقال عتبة هذه مصيبة تحدث في قريش و فشت الرؤيا في قريش و بلغ ذلك أبا جهل فقال ما رأت عاتكة هذه الرؤيا و هذه نبية ثانية في بني عبد المطلب و اللات و العزى لننتظرن ثلاثة أيام فإن كان ما رأت حقا فهو كما رأت و إن كان غير ذلك لنكتبن بيننا كتابا أنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا و لا نساء من بني هاشم فلما مضى يوم قال أبو جهل هذا يوم قد مضى فلما كان اليوم الثاني قال أبو جهل هذا يومان قد مضيا فلما كان اليوم الثالث وافى ضمضم ينادي في الوادي يا آل غالب يا آل غالب اللطيمة اللطيمة العير العير أدركوا و ما أراكم تدركون فإن محمدا و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم التي فيها خزائنكم فتصايح الناس بمكة و تهيئوا للخروج) بحارالأنوار ج : 19 ص : 245
فوحي الله في آخر الزمان لايمكن أن يشك به المؤمنون
وعنهم ع : (...... قلت و ما الصوت هو المنادي قال نعم و به يعرف صاحب هذا الأمر ثم قال الفرج كله هلاك الفلاني من بني العباس ........) بحار الأنوار ج : 52 ص : 234
فينادي المنادي بمكة باسمه و أمره من السماء حتى يسمعه أهل الأرض كلهم اسمه اسم نبي ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله ص ورايته وسلاحه والنفس الزكية من ولد الحسين فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت بحار الأنوار ج : 52 ص : 223
و القائم رجل من ولد الحسين يصلح له أمره في ليلة فما أشكل على الناس من ذلك يا جابر فلا يشكل عليهم ولادته من رسول الله و وراثته العلماء عالما بعد عالم فإن أشكل هذا كله عليهم فإن الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذ نودي باسمه و اسم أبيه و أمه
بحار الأنوار ج : 52 ص : 239
وأما من لا يؤمنون بهذا التأويل الصحيح للصيحة فقد ترك الإمام الباقر عليه السلام لهم هذه الرواية
بصائر الدرجات[ محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن ضريس قال قال أبو جعفر ع أ رأيت إن لم يكن الصوت الذي قلنا لكم إنه يكون ما أنت صانع قال قلت أنتهي فيه و الله إلى أمرك فقال هو و الله التسليم و إلا فالذبح و أهوى بيده إلى حلقه بحار الأنوار ج : 2 ص : 201
فمحمد وال محمد لم يتركوا سبيلا لاحد ليحتج على القائم بل له الحجة البالغة عليهم فسلام على الإمام احمد الحسن (صلى الله عليه واله ) ماطلعت شمس وما أضاء قمر وعدد رمال الصحراء وعدد قطر المطر وعدد ما لايحصيه إلا الله
والحمد لله رب العالمين
مالك الملك