جهاد النفس ضمانة السعادة والتكامل

جهاد النفس ضمانة السعادة والتكامل


بسم الله الرحمان الرحيم

(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين)

والصلاة على محمد ألامين وعلى آله الميامين والتسليم لآمره وامرهم اجمعين

بعث رسول الله (ص) بسرية للجهاد فلما رجعوا قال (ص) لهم: مرحبا بقوم قضوا الجهاد ألاصغر وبقي الجهاد ألاكبر, فقالوا له: يارسول الله (ص) وما الجهاد الاكبر, قال(ص) هو جهاد النفس, ثم قال (ص)افضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه..

من هذه الواقعة نفهم أن رسول الله(ص)قد جاء بتكاليف كبيرة وكثيرة للتكامل وللقرب من الخالق سبحانه ومن أكبر هذه التكاليف وأهمها تكليف جهاد النفس, فهو من أهم أسس الشريعة المحمدية ومن أهم اسس التدين الصحيح وهو من صلب دعوة الانبياء والاولياء على مدى الزمان..


فجهاد النفس هو الضمانة الحقيقية للسعادة في الدنيا وللتكامل الذي يؤدي الى السعادة الاخروية وبدون جهاد النفس يهزم امام اهواءه وامام مغريات الدنيا وامام العقائد الدنيوية المشبوهة ويصبح اسيرا لشهواته وغرائزه واوهامه وتستولي عليه مساويء الاخلاق فيصاب بالغرور والتكبر والانانية وحب المال ويتورط بالظلم او الغش او الاكتناز او البخل او الرشوة او سرقة الاموال العامة او غيرها من الاثام التي لا تحصى والتي جائت االشريعة السمحاء للقضاء عليها..

هكذا نعلم ان جهاد النفس هو تكليف من اهم التكاليف, لا يقل ابدا اهمية عن الصلاة والصوم والحج والزكاة بل انه هو الذي يعطي القيمة والثمرة والمصداقية لهذه الفرائض جميعها... وبدون النفس تفقد هذه الفرائض مصداقيتها وتفقد قيمتها وثمراتها وتتحول الى باب للرياء او للنفاق الاجتماعي لا اكثر, وبدون جهاد النفس تتحول هذه الفرائض وغيرها من عبادة الى عاة يؤديها الانسان لكنها لا تؤدي الى نتيجة حقيقية في داخله ولا تحميه من الوقوع في المظالم والشبهات والاهواء..

ورسول الله (ص) يقول: (اعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك) , هذا يعني ان جميع القوى الطاغوتية والظالمة وجميع الجهات المفسدة او المنحرفة لن تستطيع ان تهزم الايمان في قلوب المؤمنين ولن تسطيع ان تقطع العلاقة بين الانسان وبين ربه سبحانه وتعالى, ولن تستطيع ان تضر بالمصالح الاخروية للانسان الا اذا كان هذا الانسان ضعيفا مستسلما امام هذه القوى الظالمة او امام العقائد المفسدة, بمعنى ان الانسان عندما يكون مجاهدا لنفسه سوف لن تستطيع اي جهة ظالمة او منحرفة على الارض ان تخدعه او تستبعده او ترميه في ساحة الضلال, لان جهاد النفس يجعل صوت الضمير قويا عاليا , وجهاد النفس يجعل المبدئية صلبة في الانسان ويجعل النية مرابطة مع الله ويجعل العقل في التفات وانتباه دائم الى المصالح الاخروية, ويجعل الايمان محصنا باسوار دفاعية كبيرة تمنع عنه كل ما يضره او يضعفه..

ومع الاسف الشديد فقد غاب عن الامة وعن المؤمنيين الوعي بجهاد النفس حتى اعتبر هذا الجهاد من القضايا الخاصة وجعل هذا التكليف الاساسي والشرعي والالهي تكليفا ثانويا كماليا خاصا ببعض الروحانيين في جميع المذاهب, وهذا فهم خاطيء وتصور منحرف وهو نتاجات الابتعاد عن المدرسة الحقيقة لاهل البيت (ع), فهذه المدرسة لاتقبل بانسان لا يعمل في تكليف جهاد النفس, فاهل البيت عليهم السلام يقولون (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم هذه هي حقيقة مدرسة اهل البيت عليهم السلام), والابتعاد عن هذه الحقيقة ابتعاد عن المدرسة الالهية العظيمة التي اسسها حبيبنا رسول الله (ص) ودافع عنها ووضحها معلمنا امير المؤمنيين عليه السلام ولقد اراد اهل البيت (ع) لهذه المدرسة ان تعلم الامة والبشرية جمعاء على جهاد النفس ورفض الباطل والدنيوية ومقاومة الاهواء والشهوات...

واننا اليوم نعيش في فتن سياسية واجتماعية واخلاقية بمختلف الاشكال, وهي جميعها ناتجة عن ترك المجتمع بكل طبقاته وفئاته لجهاد النفس, فلو ان المجتمع بكل فئاته جاهد نفسه وردع هواه ورد غضبه وعاش طالبا لرضا الله متورعا في كل مسعاه لتجنبنا الكثير من المفاسد والآفات التي تحيط بنا, فلو كان جهاد النفس موجود في المجتمع بشكل حقيقي وصادق وفاعل ومؤثر لانخفضت حالات الطلاق في المجتمع وبشكل كبير ولاصبح الحل لهذه المشاكل باسهل الطرق واكثرها ورعا وشرعية... ولو كان جهاد النفس موجود لما وجد الفساد المالي في مؤسسات المجتمع ولاصبحت الرشوة نادرة ولاصبح الاختلاس من اموال الشعب حالة شاذة وليس كما هو الان في واقعنا...

ولو كان جهاد النفس موجود لما تصارعت الاحزاب والتيارات السياسية فيما بينها باساليب لا يرضاها الله سبحانه ولما وقعنا في خطر الفتنة الطائفية والتهديدات بالصراع العرقي او المذهبي او الحزبي او غيره...

ولو كان جهاد النفس موجود لما استطاعت الثقافة الغربية الدنيوية المبتعدة عن الله سبحانه ان تستولي على شبابنا وان تخدع مثقفينا وان تحارب قيم الايمان...

ولو كان جهاد النفس موجود بشكل حقيقي في المجتمع لانتشرت المودة وانتشرت الاخوة وصار المجتمع متماسكا ومتحابا ومتسامحا فيما بينه...

ولو كان جهاد النفس موجود لزال العنف من المجتمع ولاصبح للكلمة الدور الحقيقي في التربية...

ان الازمة الحقيقية في مجتمعنا هي ازمة اخلاقية مع الله سبحانه وتعالى, وهذه الازمة لا يمكن حلها الا بجهاد النفس وبالرجوع الى الورع والى سعي الاخرة وطلب رضاه سبحانه, فلا يجوز ان نبقى على هذا المستوى من الغفلة ومن الكسل ومن الاستسلام للاهواء والشهوات والمظالم, بل علينا ان نشحذ الهمة بوجه كل فتنه وبوجه كل هوى وكل ضعف حتى يكون الايمان فينا قويا لا يمكن لاي اموال او مناصب او مغريات دنيوية تؤثر فيه او تحرفه عن طريقه الصحيح..

فاذا انتبه مجتمعنا الى هذا التكليف الشرعي وعمل به صار مجتمعنا بكل فئاته ومراتبه مجاهدا لنفسه ذاكرا لله مفتقرا الى حفظه ومدده خاشعا طالبا رضاه سبحانه متجنبا للمظالم والشهوات محاسبا لنفسه حينها سوف تفتح بركات السماوات والارض وحينها سوف ننال الخير الحقيقي في الدنيا والاخرة..

فجهاد النفس هو الضمانه الحقيقية للسعادة في الدنيا لانه يبعدنا عن كل المصائب والمصاعب والمشاكل والموبقات والآثام والمظالم التي تضر بحياتنا في هذه الدنيا وتسلبنا راحة البال...

وجهاد النفس هو الضمانة الحقيقية للتكامل الاخروي فبدون المجاهدة لاهوائنا ورغباتنا الدنيوية واندفاعتنا الذاتيه وانفعالاتنا الغضبية كيف نتوقع التكامل والتقرب من الخالق سبحانه, فمثلما يكون الانسان متضررا في حياته عندما يفقد صحته فكذلك يتضرر شانه الاخروي عندما يفقد صحته القلبية والروحية والاخلاقية, فجهاد النفس الحقيقي هو الطبيب الحقيقي للروح والقلب...

فعلينا ان نسير في طريق جهاد النفس خصوصا في زماننا حيث نتوقع ظهور قائم ال محمد (ارواحنا فداه) في اي لحظة وحينها سوف يتباطا عن نصرته كل الذين لم يجاهدوا انفسهم ولم يردعوا شهواتهم ولم يتركوا دنيويتهم ولم يتجنبوا المظالم , وسوف يسرع الى نصرته(ع) كل الذين اسرعوا الى مجاهدة انفسهم والى ردع شهواتهم وترك دنيويتهم, وهؤلاء هم الذين سيفوزون في الاخرة لانهم تقربوا الى الله بجهاد النفس وسيفوزون بالدنيا لانهم سيشرقون بخدمة ولي الله بجهاد النفس وسيفوزون بالدنيا لانهم سيتشرفون بخدمة ولي الله المهدي (ع)..

والحمد لله رب العالمين


جهاد النفس في مدرسة رسول الله واهل بيته

قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم: اعدى اعداءك نفسك التي بين جنبيك.

قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم: على العاقل ان يكون له ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيما صنع الله عز وجل اليه

قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم: الا انبئكم باكيس الكيسين واحمق الحمقاء
قالوا بلى يارسول الله قال: اكيس الكيسين من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت واحمق الحمقاء من اتبع نفسه هواه وتمنى على الله الاماني.

قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم: يانفس ان هذا يوم مضى لا يعود اليك ابدا والله سائلك عنه فيما افنيته فما الذي أحفظتيه بظهر الغيب في اهله وولده, أحفظتيه بعد الموت في مخلفيه , أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك, أعنت مسلما...

قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من غلب علمه هواه فهو صاحب علم نافع ومن جعل شهوته تحت قدميه فر الشيطان من ظله.

قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول تعالى ايما عبد اطاعني لم أكله الى غيري وأيما عبد عصاني وكلته نفسه ثم لم ابال في اي واد هلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم

لا يكون العبد مؤمنا حتى يحاسب نفسه اشد من محاسبة الشريك شريكه والسيد عبده.

قال امير المؤمنين (ع) :من لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى ومن كان في نقص الموت خير له.



قال السجاد (ع) ياابن ادم لا تزال بخير ما كان واعظ من نفسك, وما كانت المحاسبة من همك وما كان الخوف لك شعار والحزن لك دثارا, ياابن ادم انك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله عز وجل ومسئول فاعد جوابا.

قال الصادق(ع) : طوبى لعبد جاهد نفسه وهواه , ومن هزم جند هواه ظفر برضا الله ومن جاور عقله نفسه امارة بالسوء بالجهد والاستكانة والخضوع على بساط خدمة الله تعالى(فقد فاز فوزا عظيما) ولا حجاب اظلم واوحش بين العبد وبين الرب من النفس والهوى وليس لقتلهما في قطعهما سلاح وآلة مثل الافتقار الى الله والخشوع.

وقال (ع ): من لم يجعل له من نفسه واعظا فان مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا.

السلام عليكم
بارك الله بك أختي ( أم يحيى ) , فعلاً موضوع رائع جداً
كلٌ منا يحتاج الى وقفات ووقفات مع نفسه بين يدي ربه ليرتقي ويتسامى الى ساحة قدسه جل وعلا

وفقك الله وثبتك على ولاية الأئمة والمهديين ورزقك حسن العاقبة بحق محمد وآل محمد

جهاد النفس ضمانة السعادة والتكامل


بسم الله الرحمان الرحيم

(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين)

والصلاة على محمد ألامين وعلى آله الميامين والتسليم لآمره وامرهم اجمعين

ورد في الانجيل حسب ما كتبه مرقس الاصحاح الثامن

34 ودعا الجمع من تلاميذه وقال لهم من اراد ان يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني. 35 فان من اراد ان يخلّص نفسه يهلكها.ومن يهلك نفسه من اجلي ومن اجل الانجيل فهو يخلّصها. 36 لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه. 37 او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه. 38 لان من استحى بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ فان ابن الانسان يستحي به متى جاء بمجد ابيه مع الملائكة القديسين

وفي اثناء ذلك سأله تلاميذه قائلين يا معلّم كل. 32 فقال لهم انا لي طعام لآكل لستم تعرفونه انتم. 33 فقال التلاميذ بعضهم لبعض ألعل احدا اتاه بشيء ليأكل. 34 قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني واتمم عمله. 35 أما تقولون انه يكون اربعة اشهر ثم يأتي الحصاد.ها انا اقول لكم ارفعوا اعينكم وانظروا الحقول انها قد ابيضّت للحصاد. 36 والحاصد يأخذ اجرة ويجمع ثمرا للحياة الابدية لكي يفرح الزارع والحاصد معا. 37 لانه في هذا يصدق القول ان واحدا يزرع وآخر يحصد. 38 انا ارسلتكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه.آخرون تعبوا وانتم قد دخلتم على تعبهم