فتنة الدجال
صفحة 1 من اصل 1
فتنة الدجال
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
فتنة الدجال
وردت أحاديث كثيرة عن أهل البيت (ع) تحذر من فتنة الدجال، سأنقل بعضاً منها فيما يلي من سطور، ولكني أود الإشارة في مطلع هذا المبحث الى أن اصطلاح الدجال يمكن أن ينصرف الى كل من يُظهر الحق ويُضمر الباطل، ومن هنا قيل في علماء السوء أنهم دجالون. وبقدر ما يتعلق الأمر باستعمال الروايات لاصطلاح (الدجال) و(الدجالون), فإن الملاحظ عليها إنها تصف به كل من يُظهر التدين ليخدع الناس، بينما هو في باطنه منحرف يطلب دنيا، أو جاهاً، أو زعامة. ولكي يكون القارئ على بينة من أمره، أقول إن مقصودي من الدجال في هذا المبحث بالدرجة الأولى هو الدجال الأكبر أو أمريكا، كما فسره بعض الباحثين، ومن جملتهم السيد محمد الصدر في موسوعته، وكما وضحه وصي ورسول الإمام المهدي (ع) السيد أحمد الحسن (ع). وعلى أية حال يستطيع من يتأمل في منطق الروايات أن يتبين من الأوصاف التي يوصف بها انطباقها على دولة تمتلك جيشاً وقوة عسكرية كبيرة، وسيأتي عما قريب ذكر الروايات المشار إليها، ولما كان اصطلاح الدجال ينطبق كذلك على بعض فقهاء الضلالة، فسيكون هذا المبحث جامعاً للإثنين (الدجال الأكبر: أمريكا، والأصغر: فقهاء الضلالة أو كبيرهم على وجه الدقة).
عن رسول الله (ص) في حديث طويل أقتبس منه موضع الشاهد، قال: (... يتقدم المهدي من ذريتي فيصلي الى قبلة جده رسول الله (ص)، ويسيرون جميعاً – أي المهدي وأصحابه – الى أن يأتوا بيت المقدس، ثم ذكر الحرب بينه وبين الدجال، وذكر إنهم يقتلون عسكر الدجال من أوله الى آخره...) (معجم أحاديث الإمام المهدي (ع)/ الشيخ الكوراني- ح659). فالدجال في هذا الحديث يملك عسكراً يقتلهم الإمام المهدي (ع) وأصحابه. وفي الحديث رقم (427) من نفس المصدر، جاء ما يأتي: (ليهبطن الدجال خوز و كرمان في ثمانين ألفاً... ). وهؤلاء الثمانون ألفاً بعض جيش الدجال على ما هو راجح، أي إنهم غير أولئك النازلين في بيت المقدس. وعن أمير المؤمنين (ع)، في حديث يذكر فيه بعض العلامات التي تسبق خروج القائم، يقول: (... وغلبة الروم على الشام، وغلبة أهل أرمينية، وصرخ الصارخ بالعراق: هُتك الحجاب وافتُضت العذراء وظهر علم اللعين الدجال، ثم ذكر خروج القائم) (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي (ع) . ص29). والعلم كما هو واضح علامة رمزية تتخذها الدول للإشارة الى كياناتها، وصراخ الصارخ في العراق بظهور علم الدجال إشارة الى الإحتلال الأمريكي للعراق. ويشير إليه صراحة الحديث الذي يصف دخول الدجال الى العراق من جهة جبل سنام في البصرة، فعن رسول الله (ص): (أول ما يردُه الدجال سنام ؛ جبل مشرف على البصرة هو أول ما يردُهُ الدجال) (الفتن: ابن حماد/ 150، معجم أحاديث الإمام المهدي /ج2 ص63)، ومعروف أن القوات الأمريكية دخلت العراق قادمة من الكويت من جهة الجبل المذكور.وعلى أية حال نحن نعيش عصر الظهور، و نشهد بأم أعيننا إحتلال العراق من قبل القوات الأمريكية (الدجال الأكبر)، كما إن معرفتنا بالسياسة الأمريكية توفر لنا فرصة نادرة لفهم المراد من التعبيرات الرمزية التي يوصف بها الدجال, من قبيل (المسيح الدجال)، (الأعور الدجال)، (وكونه يأتي معه بجبل من خبز، وجبل من نار)، فالرئيس الأمريكي بوش من المسيحيين المتدينين – بحسب ما يفهم هو من التدين – وقد صرح في خطاباته بأن الحرب التي يخوضها ضد الإسلام حرب صليبية، بل صرح علناً أن ما دفعه لحرب العراق رؤيا رأى فيها الرب (السيد المسيح) يأمره بإحتلال العراق، (سبحان الله حتى بوش يؤمن بالرؤيا ، فما بال فقهاء الشيعة ؟)، وأكثر من هذا كان يدعي في بعض ما صدر عنه إنه مأمور من قبل الرب بتأديب شعب الخطيئة في بابل! والعبارة الأخيرة مقتبسة من الإنجيل، وهي واحدة من علامات ظهور المصلح المنتظر. وأما أن الدجال أعور فلأنه لا يرى إلا بعين المصلحة المادية، وإن ادعى ما ادعى، ومعلوم أن السياسة الأمريكية لا تحسب حساباً لأي شئ عدا مصالحها المادية. وأما جبل الخبز فهو تعبير رمزي عن القوة الإقتصادية، وحالة الرفاه المادي التي تستخف بها أتباعها، وجبل النار قوتها الحربية التي تخيف بها الحكومات التي نسيت أن لا قوة إلا بالله.
إن فتنة الدجال – أو أحد أهم مصاديق هذه الفتنة، ولعل الصراع الطائفي مصداق مهم آخر من مصاديق فتنة الدجال (أمريكا) – هي الديمقراطية، أو حاكمية الناس (أو قل اختيار الناس للحاكم). فأمريكا ترى الديمقراطية الحلقة الأخيرة في سلسلة التطور السياسي البشري، ونهاية التأريخ فيما يتعلق بطبيعة أنظمة الحكم (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (التوبة: 47). والحق إن الديمقراطية لا تختلف كثيراً عن الديكتاتورية، بل إنهما من حيث الجوهر حقيقة واحدة، إذ النظامان كلاهما قائمان على فكرة استبعاد السماء من معادلة اختيار الحاكم، والنظامان كلاهما يقفان على الضد، أو حتى النقيض من مبدأ التنصيب الإلهي للحاكم. وعلى أية حال لست الآن في صدد تتبع مساوئ الديمقراطية، ولعل الكثير الذي كُتب عنها فيه الكفاية، كما إنّ المفترض بهذا الكتاب إنه يُخاطب فئة تؤمن بمبدأ التنصيب الإلهي للحاكم، وإن كانت هذه الفئة للأسف الشديد قد استخفتها الأهواء، وأوردها فقهاء آخر الزمان آجناً من بعد عذب، والى الله المشتكى.
وقبل الخوض في دور فقهاء آخر الزمان، أود إيراد بعض الروايات التي يمكن الإستدلال منها على فتنة الديمقراطية، أو حاكمية الناس، التي يطرحها الدجال، وأود الإشارة المسبقة الى أن هذه الروايات بما إنها – كما سنرى – تشير الى أن فتنة الدجال تتمثل بمعارضة مبدأ التنصيب الإلهي، فإنها تدل بلاشك على أن الدجال الأكبر هو أمريكا، باعتبارها حاملة لواء الديمقراطية في العالم.
عن حذيفة بن أسيد، قال: (سمعت أبا ذر يقول، وهو متعلق بحلقة باب الكعبة: ... إني سمعت رسول الله (ص) يقول: من قاتلني في الأولى، وفي الثانية، فهو في الثالثة من شيعة الدجال) (المعجم الموضوعي24). وفي نفس المصدر ونفس الصفحة ينقل الشيخ الكوراني نفس الرواية عن أمالي الطوسي، وفيها (وقاتل أهل بيتي في الثانية)وعن أمير المؤمنين (ع)، قال: قال رسول الله (ص): (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال) (المصدر والصفحة نفسها).وعن الإمام الصادق (ع): (قال رسول الله (ص) : ... من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهودياً. قيل: وكيف يا رسول الله؟ قال: إن أدرك الدجال آمن به) (المعجم الموضوعي25). أقول إن من يبغض أهل البيت (ع)، ومن يقاتلهم هو بالتأكيد مبغض و متمرد على مبدأ التنصيب الإلهي، ومتبع للشيطان ولهوى نفسه، وهو بالتالي ممن يقول بحاكمية الناس قطعاً، ولعل هذه الحقيقة هي التي تشير لها الروايات حين تؤكد على إيمان مبغض أهل البيت (ع) بالدجال.
ويدلك على خطورة فتنة الديمقراطية، أو اختيار الناس للحاكم، التحذير الشديد الصادر عن رسول الله (ص) من الشورتين, الكبرى والصغرى، فعن حذيفة بن اليمان وجابر الأنصاري، عن رسول الله (ص)، إنه قال: (الويل الويل لأمتي من الشورى الكبرى والصغرى ، فسُئل عنهما، فقال: أما الكبرى فتنعقد في بلدتي بعد وفاتي لغصب خلافة أخي وغصب حق إبنتي، وأما الشورى الصغرى فتنعقد في الغيبة الكبرى في الزوراء لتغيير سنتي وتبديل أحكامي) (مناقب العترة /ومائتان وخمسون علامة130). ورغم هذا التحذير الشديد، أبت الأمة إلا مخالفة الرسول (ص) فانعقدت سقيفة بني ساعدة لغصب خلافة علي (ع)، حتى لم يبق على عهد الله ورسوله سوى قلة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وأبى شيعة آخر الزمان إلا اقتفاء أثر من سبقهم حذو النعل بالنعل ، فانعقدت سقيفة الزوراء برعاية الدجال، وفقهاء آخر الزمان لانتخاب حاكم للعراق، وتبديل أحكام الله ورسوله (ص) عبر كتابة الدستور سيئ الصيت. وإذا كان اتباع أبي بكر وعمر ( لعنهما الله ) قد خرجوا من ولاية الله بتمردهم على خليفة رسول الله (ص)، فإن من يدّعون اليوم إنهم شيعة لعلي (ع) قد التحقوا بركبهم، ودخلوا جحر الضب نفسه الذي أدخل أولئك أنفسهم به.
ولعل الوقت قد حان للحديث عن دور فقهاء آخر الزمان في إضلال الناس، وإخراجهم عن حوزة الدين، وسأبدأ بنقل الرواية التي وصفت المكان الذي يأتي منه الدجال الأصغر، قال رسول الله (ص): (لما عرج بي الى ربي جل جلاله أتاني النداء يا محمد، قلت: لبيك... الى أن قال: وخروج رجل من ولد الحسين بن علي بن أبي طالب، وخروج الدجال يخرج من سجستان، وظهور السفياني) (بحار الأنوار ج51 ص70). ولو رجعت الى المعاجم، من قبيل القاموس المحيط، وتاج العروس لعلمت أن سجستان هي اللفظ المعرّب لكلمة سيستان الفارسية، فالدجال بتعبير آخر يخرج من مدينة سيستان [يحسن الرجوع الى بيان السيد أحمد الحسن (ع) المؤرخ ب ( 27 / رمضان / 1425)].
والحق إن الدجال الأكبر ما كان له أن يُضل الناس لولا فتاوى الضلال التي أصدرها فقهاء آخر الزمان، ودفعوا الناس بها الى هاوية الإنتخابات السحيقة. فلقد بلغ الإستهتار بهم أن عدّوا المشاركة في الإنتخابات فريضة (كذا) أفضل من الصلاة والصوم! ولم يتورع بعضهم عن تشبيه خروج المرأة لمعصية الإنتحاب بخروج زينب (ع) لنصرة الإمام الحسين (ع). فبربكم هل التنصل من مبدأ التنصيب الإلهي، والدخول في مشروع الدجال الأكبر المحتل أفضل من الصلاة والصوم؟ أ ليس هذا التجني على حدود الله من مصاديق (كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً)؟ وهل ترضى مروءاتكم أن يُشبّه مراجعكم خروج العقيلة (ع) لنصرة حجة الله والدفاع عن حاكمية الله، بخروج نسائكم لخذلان حجة الله، وتوجيه طعنة لقلب رسول الله (ص) وعلي (ع) والمهدي (ع)؟ ولعلكم تعلمون أن بعض النساء كُنّ سافرات حاسرات.. و.. و مما لا يخفى عليكم، بل أنتم تعلمون حق العلم إن أكثر نساؤكم ورجالكم لم يكن يعنيه أمر الدين شيئاً.
والحمد لله وحده وحده وحده
النهضة الفاطمية- انصاري
- عدد الرسائل : 244
العمر : 36
نقاط : 0
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى