أساطير سياسية متنقلة
صفحة 1 من اصل 1
أساطير سياسية متنقلة
أساطير سياسية متنقلة
عدالة الصحابة / عدالة الفقهاء
عدالة الصحابة / عدالة الفقهاء
أبو محمد الأنصاري
حينما أحتاج الأمويون لفكرة تكون من جهة حاجزاً يحول دون انتقاد أسلافهم من مغتصبي الخلافة الذين مكنوا لهم تسنم سدة الحكم في الدولة الإسلامية ، وتحول بالنتيجة دون وصول نوبة الإنتقاد لملكهم العضوض ، وتقابل من جهة أخرى النصوص القرآنية والنبوية الكثيرة التي دلت على المنزلة الرفيعة لأهل البيت (ع) ، اجترحت مخيلتهم الشيطانية فكرة عدالة الصحابة ، فوجهوا ضعاف النفوس والذمم الى اختلاق مناقب لم ينزل الله بها من سلطان لثلة الإنحراف ، من قبيل ما زعموه من أن رسول الله (ص) قد قال : ( إن الله يتجلّى للناس عامة ، ويتجلّى لأبي بكر خاصة ) ، أو ( ما صب الله في صدري شيئا إلا صبه في صدر أبي بكر ) أو (إن في السماء الدنيا ثمانون ألف ملك يستغفرون لمن أحب أبا بكر وعمر، وفي السماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر ) أو (أبو بكر وعمر خير الأولين ) ، وغيرها من الأحاديث الموضوعة التي توجوها بالخبر المرسل الذي يرويه مسلم النيسابوري ( أصحابي كالنجوم بأيهم أقتديتم اهتديتم ) رغم أن هؤلاء الصحابة قد قاتل بعضهم بعضاً ، وأراق بعضهم دم الآخر .
استطاع الأمويون من خلال مرتزقة سك الحديث خلق واقع أسطوري للصحابة بعيد كل البعد عن كل ما يمت لواقع البشر بصلة ، فصورة الصحابة في ذهنية أتباع مدرسة الخلفاء خيالية تماماً ولا تتفق مع منطق التأريخ الذي يظهرهم ناساً عاديين وأحياناً أقل من الناس العاديين بكثير ، ولعل هذه الحقيقة هي السبب في رفضهم قبول روايات التأريخ ، بل رفضهم حتى قراءة كتب التأريخ ، فتجدهم دائماً يرفعون شعار : ( تلك أمة خلت ، وليس علينا من حسابها من شئ ) . ويمكن القول إن أتباع مدرسة الخلفاء قد ارتضوا لأنفسهم أن يسكنوا في الخرافة بدل أن يتلمسوا الواقع الحقيقي للصحابة ، بل إنهم بابتعادهم عن التأريخ والخوض فيه وفي رواياته قد سجنوا أنفسهم في عالم المناقب الأسطوري ، ولو أنهم عرضوا الأساطير المناقبية المجانية على واقع الصحابة التأريخي لوجدوا هذه المناقب المزيفة أشبه ما تكون بحلم ما أن تشرق عليه شمس النهار حتى يتبخر ولا تبقى له عين ولا أثر ، لكنهم بدل أن يفعلوا هذا أوغلوا في خرافتهم مسافات أخرى وصاروا يكفرون كل من يجرؤ على انتقاد الصحابة ، أو التعرض لهم ، أو تعكير هجعتهم الأسطورية .
أسطورة وضع الصحابة في صرة وتعليقهم في سقف المنزل بعيداً عن متناول الأطفال ، والإكتفاء بالأبخرة المنبعثة منهم فقط ، هذه الأسطورة انتقلت الى الشيعة بحذافيرها تقريباً ، لم يتغير منها شئ سوى الموضوع ، فالصحابة في النسخة السنية من الأسطورة استُبدل بهم الفقهاء ( فقهاء آخر الزمان ) في النسخة الشيعية .
والعجيب أن هذه الأسطورة صادفت رواجاً كبيراً في الوسط الشيعي في هذا الزمان القبيح ، بينما الشيعة ينعون على أتباع الخلفاء قولهم بعصمة الصحابة غير المنصوص على عصمتهم !
فالشيعة اليوم ينكرون اشد الإنكار على كل من ينتقد فقهاءهم الذين يرونهم مقدسين ، ويفضلون في كل نقاش يمس الدين والعقيدة وحتى السياسة التي أوغل فقهاء آخر الزمان في أوحالها ، أقول يفضلون الإبقاء على فقهائهم في علب السردين المقدسة على الرغم من كل الروائح النتنة التي تصدر منهم .
فالفقيه والمرجع مقدسان لا ينبغي المساس بقدسيتهم ، وهما وجودان مفارقان ، أي إنهما بتعبير آخر خرافة تسكن منطقة الخيال البعيدة عن التأريخ والواقع الحي الذي ينسفها نسفاً .
لا يرتضي شيعة هذه الأيام أي جرأة قد تطل في السراديب الرطبة لتكتشف أي قذارة تحيط بمراجعهم لأن في ذلك توهين للمذهب واصطفاف مع العدو !! هكذا أوهمهم دهاقنة إعلام المرجعية .
وحيث إن كلمات رسول الله (ص) لا تتخلف ابداً فقد ركب الشيعة سنة من كان قبلهم حذو النعل بالنعل ، فلم يكتفوا بحضر النقد على مراجعهم ، وإنما صاروا يعدون كل حديث يفتح خبايا التأريخ المخجلة حديث فتنة وضلالة ، وأذكر في هذا الصدد أن بشير النجفي قد أصدر قبل عامين أو أكثر فتوى تحرم قراءة كتب عادل رؤوف ومختار الأسدي والشيخ النعماني وعباس الزيدي مؤلف كتاب السفير الخامس بدعوى إنها كتب فتنة وضلالة !
ولعلكم جميعاً تسمعون زعيق كتاب العرائض هذه الأيام الذين يقفون بالمرصاد لكل من يوجه انتقاد أو كلمة لسيستانيهم ، فيسلقونه بألسنة حداد ، ويعقّبون بتدبيج مدائح مزيفة لأصنامهم تضعهم بمصاف ألهة الأولمب التي تعيش في منفاها الجبلي خشية التلوث بنجاسة العالم الأرضي ، طبعاً المنفى الجبلي بالنسبة لأصنام النجف سراديب عميقة لا يلجها حتى ضوء الشمس ، ومن أراد أمثلة على مدائح كتاب العرائض فما عليه سوى أن يلج مغارة وكالة أنباء براثا الصغير .
سلمان منا أهل البيت- مشترك جديد
- عدد الرسائل : 48
نقاط : 0
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 05/05/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى