ظل الله و ظل الشيطان، و هذا يوم الفصل

الآلة الشيطانية تعمل بأقصى طاقتها اليوم، انظروا حولكم و سترون ثمرة جدها في كل مكان بدءا من الشيطان الأكبر و ما يعيثه في الأرض من فساد الي ربيبه الخالص أبي جهل. و يتضح مرامي ابو جهل للعيان - لا للبصائر فحسب - اذا تم استقراؤه في اطار الصورة الشيطانية العامة، و تبدو منطقية الى ابعد مدى. فاليوم هو الساعة أتت أشراطها لم يبق منها شيئ. و تتفاعل الأحداث مسرعة لتسدل الستار على فصل من شر الشيطان دام طويلا و أدمى البشر و أهلكهم، ليفتح الله عز و علا ابواب رحمته فصلا آخر. و لا شك أن دولة الباطل جولة قد أدبرت، وان دولة الحق قد أتت بشراها فطوبى لمن تبع منادي الخلق الى عرس آل محمد، قائد ركبهم و حامل رايتهم و معيد مجدهم و قاهر عدوهم، السيد المفدى و اليد العليا أحمد الحسن عليه سلام الله أما الشيطان فهو المغلوب اليوم و الذي عليه اللعنة و الحسرة، يرى خراب بنائه و بوار جولته وقرب حتفه، فيغلو في غيظه على آدم عليه السلام ويعلو في حربه. فتراه كلما أبصر منتهاه برق سيف القائم يكاد يخطف بصره.... و عنقه. فيهرب و ليس له من مهرب... الا الي مزيد القنوط من رحمة ربه، يملي عليه يأسه ما يفعل و ماظننتم يفعل من يأس من رحمة ربه و دنا هلاكه!!! ان آدم سبب بؤسه و داعي طرده و لزوم لعنه، و هل من سبيل للملعون الي الله يكيده الا من باب وليه و ولده؟ فهاهم جنده على ولي الله و حزبه. توجهت سهامهم المسمومة، و شدت أقواسهم الملعونة لتقتل آدم شر قتلة. و ان أيقن الملعون أن آدم ما بمقتول و انما هو قاتله، فما تراه الا على ولده يقتله بنار مولاه الذي كرمه و أعلاه على الملعون و ان أبى. قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ. وان كان آدم (ع) يبكي على ولده رأفة بهم كلهم يقول لا تتبعوا الشيطان، فان قابيل - ومن ثم ولده - سيتبعه،

يريد قتل المصطفي هابيل. و سيبدع في حربه من كل كيد ليقتل ذكره (و علمه) ويقتل اسمه (و شرفه) ويقتل صحبه و تبعه، و يقتل سيده و باعثه و ابيه. فهذه سنة الله في عباده. وكما سلط الله قابيل على آدم (ع) وكما سلط على أنبيائه عدوا وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [الأنعام : 112] فكذلك جعل أبو جهل على رسول ربه الي عباده. فتراه يلهث ليعيبه وتراه يعلوا كل زلق ليكذبه و تراه يركب من خيل ابليس ما يركب لجهر عصيانه. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [لأنعام : 123]
و لكن أنى لأبي جهل على مكر ربه الذي يقول و لو شاء ربك ما فعلوه. أنّى لابي جهل أن يرى جهنم -و هو فيها - و يقول العزيز وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال : 30] و أنّى لابي جهل أن يرى قرينه (العربي) و هو هو. أنّى لابي جهل أن يرى الا بعين واحدة - أنا خير منه. انّى لابي جهل أن يرى لمن ينصبه الله فضلا عليه فما من ذاك شئ من خلق الشيطان و فاسد طينته. ان ما يليق به - و ما خلق لأجله، أن يقتل المصطفى من خلقه المفضل عليهم و ان يضل عباد الله عنه. ان عليه أن يقعد لهم صراطه المستقيم - وليه - كما كان للمصطفى من قبل، وكما كان لآدم من قبل وكما كان لكل نبي من قبل، عدوا من شياطين الانس أشد من شيطان الجن و أعدى. فالله الذي جعل آدم خليفة هو الذي جعل له ابو جهل عدوا، فكما نصّب الله آدم هاديا مهديا، نصّب عدوه غويا مضلا مبينا. فها هو شيطان الأنس يكابد لأنجاز وعد ربه من حيث لايعلم و ها هو مكر ربه يراه ذو العينين و ان غفل عنه ذو الواحدة، و هاهو فرعون ظاهرة عورته نزع الشيطان لباسه فبدت سوءته و ان كان أتباعه الخراف ليس فيهم طفل يصيح فيهم ليوقظهم من خبلهم فيفيقوا. ليس من طفل بينهم لأنهم أنعام لا تعي أن راعيها - في أودية جهنم - ما أبقى من لباس تقوى تستر عورته و لكنهم يمجدون لباسه الذي لا يراه غيرهم. بل انهم أضل لأنهم باعوا نفوسهم البخسة لأبي جهل و ما قبضوا حتى ثمنا أبخس مما يستحقون الا نارا أعدها المنتقم للذين لا يسمعون و لا يبصرون و لا يعقلون. فهنيئا لهم ببيع خاسر فذاك وعد الملعون وهم لاقوه. وكما قال رسولنا لابي جهل و أمثاله من أئمة السوء اعملوا ما شئتم فليتم مكر الله و مشيئته فانهم للوارث يمهدون، و ليحي من حيي عن بينة فان الله يبقيهم ضدا للحق ليشهدوا له بفسقهم كما يشهد ولي الله له بنفس مطمئنة. فكلما زادوا الله كيدا بدا شاهد الله لايزول شمسا يتوهج في ربعة نهار لا يطفئ نوره كيدهم. و كما تزهق أرواح عباد شرهم، تحشرهم الي جهنم، فان ولي الله ماء الحياة يجري في عروق المؤمنين يكاد يفيض على من حولهم. أما ذو البصر فيرى المثلين تمحيصا.. وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد : 10] و من ماتت فيه عينا ترى الحق حقا من باطل أبي جهل فان عينه الواحدة لا تهديه الا سبيل النار، فلا حياة الا لمن عرفها و محصها من البوار. أما من تبع ابن هند وهو يرى - أو لا يرى - راية علي و صدق لهجته يدور الحق معه مداره ف وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ..وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [النمل : 50]
وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ . أما الذين لهم عينان فالينظروا ليروا الباطل بلغ أوجه متجسما في أبي جهل ظاهرا،

حتى ترى تشريف الله لوليه و بابه الظاهر، مناره الهدى و علم العلم و التقى فيختاروا ما بدا لهم. فهناك اليوم باطل ظاهر و حق ظاهر و ليس من ثالث. اليوم هناك الشيطان و ظله و الله وظله و ليس ثالث. الشيطان يتوعد أهله بالنار و باب الله مفتوح للأبرار و هذا يوم الفصل بين الباطل و الحق و ليس من يوم غيره. فأفيقوا عباد الله الي دعوة الحق و أجيبوا داعي الله الي رحمة الله فان الله متم نوره و لو كره الكافرون. و ان الله مظهر دينه و لو كره المشركون و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ألا ان وعد الله لآت، و كل آت قريب وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون