السيستانية تتلقى صفعة جديدة
صفحة 1 من اصل 1
السيستانية تتلقى صفعة جديدة
السيستانية تتلقى صفعة جديدة
التجاهر بالإفطار في شهر رمضان يشير بالتأكيد الى تدهور الحالة الإيمانية على مستوى الأفراد ، وهذا أمر محزن ومخجل بطبيعة الحال ، ولكن البحث في الأمر على أنه ظاهرة إجتماعية يستدعي بالتأكيد التركيز على دلالات الظاهرة الأبعد من مستواها الفردي ، نعم يمكن استنتاج دلالة مهمة وهي تدهور الحالة الإيمانية كما سلف القول ، ولكن هذه النتيجة ليست في الحقيقة سوى تعبير آخر عن نفس الظاهرة ، كما إن التركيز على دور المؤسسات الأمنية الحكومية في الحد من ظاهرة الجهر في الإفطار أو حتى إنهاءها تماماً ليس في الحقيقة سوى محاولة بائسة للإلتفاف على الدلالات الإجتماعية المهمة التي ينبغي الوقوف عندها وتبين أسبابها الحقيقية ، بل إن من مثل هذا التركيز يراد منه في الغالب إلقاء تبعة الظاهرة على الجهة غير المسؤولة عنها ، وتبرئة ساحة المسؤول ، أو على الأقل صرف النظر عنه .
وهكذا إذا كانت الحوزة السيستانية تركز على دور المؤسسات الأمنية ، وتؤاخذ وزير الداخلية على أساس تفريطه بالمسؤولية المناطة به ، فإنما هي في الحقيقة تدافع عن نفسها ، وتسعى الى إلقاء مسؤولية ما حدث على غيرها ، فالشرطة على أي حال لا تستطيع فعل شئ أكثر من منعها أو حدها من ظاهرة الإجهار في الإفطار ، أما نفس فعل الإفطار فهي عاجزة بطبيعة الحال عن منعه ، أو الحيلولة دون وقوعه .
لكي نفهم حقيقة ما حدث لابد من التأمل أولاً في المعطيات التي تقدمها الظاهرة ، فلنقرأ إذن هذا النص : (( تشهد المدن العراقية ولأول مرة منذ سقوط نظام صدام والغزو الأمريكي للعراق ، ظاهرة غريبة لم يألفها العراقيون بهذا الشكل الخطير ، حيث ازدادت مظاهر التجاهر بالإفطار في شهر رمضان المبارك ، وأقدمت العديد من المطاعم على فتح أبوابها ، وكذلك شوهدت بسطات شوي اللحم والكبدة المشهورة في المدن العراقية وهي تقدم الطعام لروادها جهرا دون الشعور بأي حرج أو خوف من القانون الذي يعاقب المجاهرين بالإفطار ... والظاهرة الأكثر خطورة في هذا الشأن، هي قيام رجال الشرطة وأفراد القوات المسلحة بالتجاهر بالإفطار وخاصة في نقاط التفتيش في المدن والطرق العامة ،رغم أن القانون العراقي يعاقب بالحبس لكل من يتجاهر بالإفطار وينتهك حرمة شهر رمضان المبارك . كما إن المدخنين باتوا يتعاطون التدخين داخل الحافلات في العاصمة بغداد جهارا ، دون أن يعترضهم أي رجل من الشرطة والجيش بالرغم من مرور هذه الحافلات على نقاط التفتيش وأضاف الشيخ السعدي : " إننا نرى رجال شرطة وأفراد من الحرس الوطني يدخنون ويشربون ويأكلون في نقاط التفتيش في الطرق الخارجية ، بل وفتحت المطاعم أبوابها ، وحتى محلات بيع الخمور فتحت أبوابها في هذا الشهر الفضيل في بغداد ، رغم أن هذه المحلات كانت تغلق أبوابها في الأنظمة السابقة كلها ، ولذا فإننا أمام ظاهرة خطيرة ، واعتقد شخصيا أن الاحتلال وراء هذه الظاهرة )) .
هذه أبرز المعطيات ، ولكن علينا الإلتفات الى ضرورة تجريدها من بعض الموجهات القرائية التي تشير الى تدخل ذات مرسل الخبر في توجيه الخبر الى دلالة هو يفهمها أو يريدها ، ليست هي بالضرورة الدلالة الحقيقية للظاهرة ، ومن هذه الموجهات ما ورد في النص من عبارات من قبيل ( دون الشعور بأي حرج أو خوف من القانون الذي يعاقب المجاهرين بالإفطار ) و ( دون أن يعترضهم أي رجل من الشرطة والجيش بالرغم من مرور هذه الحافلات على نقاط التفتيش ) و ( واعتقد شخصيا أن الاحتلال وراء هذه الظاهرة ) ، هذه العبارات يمكن بالـتأكيد الإفادة منها في تصور الظاهرة لما تتضمنه من معلومات ، ولكنها في الوقت ذاته يمكن أن تضر كثيراً في حال عدم التنبه الى طبيعتها التي تحرض الوعي وتوجهه الى دلالة محددة .
السؤال الآن كيف يمكن أن نقرأ هذه الظاهرة قراءة تصل بنا الى السبب الإجتماعي الحقيقي لها ؟ لابد لنا أن نضع بالحسبان – قبل كل شئ – أن الظاهرة تؤشر بقوة على تمرد على الدين يستبطنه المجاهرون بالإفطار ، ولكننا قبل أن نمضي مع إيحاءات هذا التمرد التي تغري البعض في مناقشة لاهوتية يمكننا بضربة واحدة التأكد من عدم جدوى ولا حقيقية مثل هذا التوجه التحليلي ، فالكثير الذي سمعناه عن المجاهرين بالإفطار – وهذه معطيات من صلب الظاهرة لكن النص أعلاه المأخوذ من إحدى الصحف أغفلها – إن ما دفعهم للإفطار لم يكن تمرداً على الدين الحقيقي ؛ دين محمد وعلي والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين ) ، هم في الحقيقة ضحية لمؤامرة تستهدف الدين ، ولكن المؤامرة ليست من تدبير الإحتلال كما حاولت أن تصرف وعينا إحدى العبارات التي اصطلحنا عليها بالموجهات القرائية ، وإنما هي من تدبير السيستانية المقيتة المنحرفة .
نعم فالسيستانية اختطفت الدين ، وكرست ذاتها المنحرفة على أنها هي الدين الحق ، وهذا دلت عليه شواهد لا تحصى ، وما أكثر ما كُتب عنها ، وحيث أن السيستانية للأسف الشديد نجحت في مؤامرتها بالنسبة لأناس كثيرين ؛ مؤمنين أو غير مؤمنين ، وحيث أن صورة رجالات السيستانية تعرض يومياً على أرض الواقع بأبشع ما يكون العرض ، وموبقاتهم أضحت محط تندر الجميع تقريباً ، أي بما فيهم الفساق الذين فاقهم رجالات السيستانية في الفسق وطرائقه ، أقول لكل ذلك تولد شعور في النفوس بالتمرد عن كل ما يمت بصلة للسيستانية ، ومنها الصلاة والصيام التي تقترن في أذهان المستغفلين المشار إليهم أعلاه بالسيستانية ورجالاتها لأسباب تتعلق بوظيفة رجالات السيستانية التبليغية وزيهم الرمزي المعروف .
فالتمرد في الحقيقة لم يكن تمرداً على الدين بما هو الدين وإنما هو تمرد على الدين بقدر دلالته المختطفة من قبل السيستانية ، أي إنه في عمقه الحقيقي تمرد على السيستانية نفسها ، ولكنه تمرد اتخذ مسارات منحرفة شأن كل تمرد عاطفي تقريباً ، لعدم تمكن الجموع الجماهيرية من الفصل الواعي بين الدين من جهة والسيستانية المنحرفة من جهة أخرى .
والحق إن مثل هذا التمرد إن لم يصادف من يوجه مساراته ويمنحه ثوبه الواعي الحقيقي فإنه يخشى منه على دين الناس الحقيقي ، وسيشكل نصراً حقيقياً للسيستانية قبل كل شئ ، فلابد إذن من التوعية بحقيقته وعدم التذرع بأسباب غير حقيقية أو حتى أسباب كيدية أو تعبوية .
وهذه مجموعة من الأحاديث تدل على ما نقول وتبين الأثر الخطير للسيستانية على الدين :-
عن أمير المؤمنين (ع) : (لا تنفك هذه الشيعة حتى تكون بمنزلة المعز، لا يدري الخابس على أيها يضع يده، فليس لهم شرف يشرفونه ولا سناد يستندون إليه في أمورهم) (غيبة النعماني : 197).
عن الصادق (ع)، حين سأله بعض أصحابه قائلاً: (جعلت فداك، إني والله أحبك، وأحب من يحبك، يا سيدي ما أكثر شيعتكم. فقال له: اذكرهم. فقال: كثير, فقال: تُحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك. فقال أبو عبدالله (ع): أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون... فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون؟ فقال (ع): فيهم التمييز، وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل، يأتي عليهم سنون تفنيهم، وسيف يقتلهم، واختلاف يبددهم... الخ) (غيبة النعماني 210- 211).
عن أبي عبدالله (ع)، إنه قال: (مع القائم (ع) من العرب شئ يسير. فقيل له: إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير. قال: لابد للناس من أن يُميّزوا ويغربلوا، وسيخرج من الغربال خلق كثير) (غيبة النعماني212).
عن أبي جعفر (ع): (لتُمحصنّ يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين، وإن صاحب العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج منها، وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا، ويمسي وقد خرج منها، ويمسي على شريعة من أمرنا، ويصبح وقد خرج منها) (غيبة النعماني214).
وعن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين (ع): (يا مالك بن ضمرة، كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا – وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض -؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما عند ذلك من خير. قال: الخير كله عند ذلك يا مالك، عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله (ص) فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد) (غيبة النعماني214). وعن أمير المؤمنين (ع) : (كونوا كالنحل في الطير... الى قوله (ع): فوالذي نفسي بيده ما ترون ما تحبون حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يُسمي بعضكم بعضاً كذابين، وحتى لا يبقى منكم – أو قال من شيعتي – إلا كالكحل في العين، والملح في الطعام...) (غيبة النعماني217-218).
وأود هنا التعقيب بكلمات عسى أن تكون مفيدة، فأقول: هذا الخلاف بين الشيعة من عسى يثيره أو يتسبب به؟ هل أنا وأنت من البشر العاديين الذين لا نملك سلطاناً على غير أنفسنا؟ بالتأكيد لا، فأنا وأنت لا نملك تأثيراً في الغالبية العظمى من الشيعة، ومن يفعل هذا لابد له من سلطان عليهم ، فمن يكون غير فقهاء آخر الزمان ممن يتبعهم الناس باسم التقليد الأعمى؟ قد تقول: ربما كان هذا بسبب بعض المغرضين؟ فأقول لك إن الواقع الشيعي يشهد بما لا يقبل لبساً أن الناس تبع لمراجعهم، فلا يمكن لمغرض أن يحقق مآربه على هذا المستوى الواسع الذي تنص عليه الأحاديث، ثم إن قولك هذا يلقي باللوم على فقهاء آخر الزمان من حيث لا تريد، فلو أن ما تقوله صحيح فأين المراجع الذين يرفعون شعار: نحن حصن الأمة، وأين دورهم في إرشاد الأمة، أم إنها كلمات تقال لخداع الأتباع لا غير؟! الحق إن هذه الأحاديث الشريفة من الخطورة بحيث توجب على كل شيعي أن يعيد التساؤل مراراً وتكراراً، وينظر الى أية هاوية سحيقة يقوده فقهاء آخر الزمان، (أم على قلوب أقفالها)؟ فعن أبي جعفر (ع): (إن قائمنا إذا قام دعا الناس الى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله (ص)، وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) (غيبة النعماني336).
وأخيراً عن أبي عبدالله (ع): (الإسلام بدأ غريباً و سيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء. فقلت: إشرح لي ذلك هذا أصلحك الله. فقال: مما يستأنف الداعي منا دعاء جديداً كما دعا رسول الله (ص)) (غبية النعماني336- 337) . هل تساءلنا لماذا يعود الإسلام غريباً ، أ ليس فقهاء آخر الزمان الخونة يقولون إنهم حصون الأمة ؟ أ لا بئس الحصون هم ، هذه إذن دعوة للتساؤل .
والله وحده من وراء القصد .
سلمان منا أهل البيت- مشترك جديد
- عدد الرسائل : 48
نقاط : 0
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 05/05/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى